Articles

كيف تكون سعيدًا وفقًا للفارابي

Image
  النقود أو الحب أو حتى الصحة يُذكرون غالبًا كسبل للوصول إلى السعادة. فبعد كل شيء، إن كنت غنيًا، فأنا قادر على امتلاك أي سلع أو خدمات أرغب بها — رغم أن كلمة "أي" مبالَغ فيها قليلًا، لأن هل يمكن شراء "حب" شخص؟ يبدو أن للحب قيمة لا تُقدّر بثمن. وقد يُسبّب الحب تجاه شخص ما اضطرابات عاطفية قد تضر بصحتنا. ومع ذلك، فالصحة ذاتها "غير متكافئة": ليس كل شخص بصحة جيدة، فبعضهم قد لا يتمتع بها بسبب إعاقة تُعطّل حياته. فكيف نتعامل مع هذه التناقضات الظاهرة؟ هل يجب أن ننتفع بمزايا هذه المفاهيم الثلاثة لنحقق السعادة؟ وهل الاستفادة من الجوانب الإيجابية لا تُقصي العوار المحتمل؟ بالنسبة للفيلسوف الفارسي الشهير الفارابي، لا الأمر كذلك، بل أن مفتاح السعادة يكمن في طلب المعرفة. وإليك السبب: أ. طلب المعرفة يفضي إلى السعادة وفقًا للفارابي، فإن السعي وراء المعرفة يقود إلى الفضيلة (التوازن بين الإفراط والتهاون في الحياة¹)، ومن ثم إلى السعادة². في المقابل، فإن الآخرين — الحب، المال، أو الصحة — يقودون إلى الرذائل (إما الإفراط أو الإهمال)، لذا فهي لا توصل إلى السعادة الحقيقية، ب...

هل يمكننا حقًا التعبير عن كل ما نشعر به

Image
  هل شعرت يومًا بصعوبة في التعبير عن كل ما تشعر به لحب حياتك، وقلت له إن الكلمات لا تكفي للتعبير عمّا في قلبك؟ أو حتى شعرت من قبل بالعجز عندما يسألك الطبيب: «ما الذي يؤلمك؟» أثناء لمسه لموضع ما؟ فهل يمكن القول إن الكلمات عاجزة حقًا عن التعبير الكامل عن مشاعرنا؟ أ. تعريف المفاهيم اللغة والشعور: اللغة : هي القدرة على التعبير عن الأفكار والتواصل مع الآخرين بالاعتماد على علامات صوتية أو كتابية موضوعة بشكل اصطلاحي¹. والعلامات، في الحقيقة، هي ما يُمكنني من المعرفة أو التعرّف أو التخمين أو التوقّع لشيءٍ ما². ولماذا هي اصطلاحية؟ لأنه إذا كان بإمكاننا قول كلمة دون أخرى (فعندما نرى شجرة، نقول "شجرة" وليس "حجر")، فهذا لأن المجتمع اللغوي قد اتفق على ذلك (وربما لسبب أو مبرر أو غاية ما) بهدف التواصل والفهم المتبادل. ولولا هذا الاتفاق، لما استطعنا التفاهم، ولكان لكل شخص لغته الخاصة. إذا قلنا "شجرة" صوتيًا أو كتابيًا، فذلك لأننا قررنا باتفاقٍ مشترك أن ما نراه هو "شجرة". الشعور : هو الوعي الحاد بحالة ذاتية³. ب. الجواب ما الذي يجعل التعبير عن كل مشاعرنا أ...

هل التواصل هو التلاعب؟

Image
  « إنها مجرد ضربة تواصلية! » لقد سمعنا جميعًا هذه العبارة من قبل، وغالبًا ما تعني أن الشركة تحاول التلاعب بنا لتحسين صورتها كي تتمكن من جني المزيد من الأرباح. وبالفعل، نميل أحيانًا إلى ربط التواصل بالتلاعب، لأن الماكرين غالبًا ما يكونون متقنين لفن التواصل، ما يجعلهم أكثر قدرة على السيطرة علينا. لكن في المقابل، يقال لنا أيضًا إن التواصل ضروري داخل العلاقة الزوجية أو في أي مجموعة بشرية حتى نفهم بعضنا البعض. فهل هذا تناقض؟ هل يعني ذلك أنه لكي نُحسن التواصل، لا بد لنا من التلاعب؟ وإذا كان التواصل أمرًا أساسيًا في العلاقات الإنسانية، فهل نحن محكومون بأن نكون متلاعبين كلما تواصلنا؟ إذن، المشكلة المطروحة هي: هل يجب أن يكون المتواصل (الناطق أو الناقل للمعلومة) متلاعبًا؟ ما معنى أن تكون متواصلاً أو متلاعبًا؟ المتواصل: كيان (شخص أو منظمة) ينقل المعلومات باستخدام اللغة أو الرموز. التواصل هو القدرة على تبادل المعلومات بواسطة وسائط لغوية أو رمزية. المتلاعب: كيان (شخص أو منظمة) يسعى إلى دفع الآخرين خفية نحو سلوك معين عن طريق الحيلة والمناورة دون علمهم. 1. الإشكال: المتواصل ق...

هل الفلسفة غير متوافقة مع الاتصال؟

Image
  دراسة التأمل والفحص العقلي للكائنات، كما فهمها ابن رشد¹. لقد اجتازت التساؤلات الفلسفية العصور والقارات عبر التاريخ، وأصبحت اليوم دراسة أساسية للإنسانية، مثلها مثل الاتصال، وهو دراسة تبادل المعلومات بواسطة اللغة أو/و الرموز بأشكال مختلفة (تنظيمية، شخصية)²، لكن ما العلاقة الممكنة بين هذين الحقلين الدراسيين؟ هل لا علاقة لهما ببعض؟ هل لا يوجد أي رابط؟ السؤال الآن هو: هل الفلسفة غير متوافقة مع الاتصال؟ — الاتصال مفهوم مهم في تاريخ الفلسفة. أرسطو ربما وضع أول نموذج للاتصال الشفهي. وقد بنى هذا النموذج حول ثلاثة عناصر: الإيثوس (أسلوب المتكلم)، اللوغوس (المنطق، البرهنة) والباثوس (حساسية الجمهور)³. بفضل أفلاطون، عرفنا أعمال سقراط، مثل "دفاع سقراط"، و"خارميدس"، و"كريتون". لم يترك سقراط أي كتابات عن فكره، لذا كان الاتصال عبر أفلاطون حاسمًا لإعلامنا بوجود الفكر السقراطي. ابن رشد ترجم نصوص أرسطو إلى العربية من اليونانية عبر السريانية. ومكّنته هذه الشروح من تعريف أوروبا المسيحية في العصور الوسطى بأعمال أرسطو⁴. فلسفة اللغة هي فرع من الفلسفة يأخذ في اعتباره بُعد ال...